آخر الاخبار

shadow

المحكمة الاتحادية والطعن بتعديلات قانون الانتخابات

سلام مكي

أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا يقضي برد الطعون المقدمة بشأن عدم دستورية التعديل الأول والثاني لقانون انتخابات مجلس النواب، حيث بين القرار ان أسباب الطعن تمثلت أولا: بعدم تحقق النصاب وهو دفع مردود لأن المحكمة ثبت لها تحقق النصاب استنادا لوثيقة رسمية، والجانب الآخر من الطعن هو ان تعديل القانون خلال اقل من شهر أمر غير دستوري، وهو ما ردته المحكمة أيضا، كون ان تشريع القوانين مهما كانت الظروف أمر يعود للبرلمان. وبالعودة الى حيثيات تلك الطعون، نجد ان الطعن في التعديل الأول ينصب على موضوع جوهري وهو مسألة شرط الشهادة الجامعية، حيث اشترط التعديل الأول امتلاك المرشح للشهادة الجامعية للترشح الى الانتخابات، بعد ان كانت الشهادة الإعدادية خلال الدورات الانتخابية السابقة، اما الطعن في التعديل الثاني، فيتمثل بكون مجلس النواب، قام بتعديل القانون بعد اقل من شهر على إقرار التعديل الأول ويتمثل ذلك التعديل، بتعديل المادة ثامنا البند رابعا التي نصت على السماح للكتل الانتخابية بتخصيص نسبة 20% من المرشحين ممن يحملون الشهادة الإعدادية او ما يعادلها للترشح في الانتخابات. هذه الفقرة، كانت مدعاة أيضا لبعض الكتل، خصوصا تلك التي مع اعتماد الشهادة الإعدادية للترشح، ان تطعن بذلك التعديل تحت ذريعة مخالفته للدستور. وفي الواقع، نجد ان قرار المحكمة الاتحادية، صحيح، ويستند الى الدستور والقواعد التشريعية السليمة، ذلك ان وضع شروط المرشح للانتخابات، أمر يعود تقديره الى السلطة التشريعية، وتلك السلطة عليها ان تضع الآليات والسياقات التي تساعد على السماح للكفاءات والامكانيات التي لها الكفاءة والقدرة على إدارة البلد، ولها الخبرة في شتى المجالات السياسية والإدارية، ولا شك ان الشهادة الجامعية، هي ابسط مقومات الكفاءة والامكانية، كونها تمنح صاحبها تخصصا في مجال معين، اما الشهادة الإعدادية، فهي عامة لا تمنح أي تخصص لحاملها، في وقت يحتاج البرلمان الى متخصصين في القانون والاقتصاد والطب والهندسة وكل المجالات. لكن بالنتيجة، فإن سماحه للقوائم الانتخابية، بأن تكون هنالك نسبة لأصحاب شهادة الإعدادية، أمر لا يخالف الدستور الذي لا يوجد فيه نص يشير الى هذه المسألة، ولكن الأصول التشريعية والوقائع التي ينبغي على مجلس النواب، الأخذ بها، إضافة الى ان طبيعة التشريع والكشف عن هفواته والثغرات التي ينبغي معالجتها فيه، تتم غالبا من خلال التطبيق ومرور فترة زمنية مناسبة، على صدوره والعمل به، ومن بعد ذلك يصار الى تعديله، في حال وجد نقص فيه. اما ان يتم تعديل قانون بعد مرور اقل من شهر، فهو مدعاة الى التساؤل والاستغراب عن الأسباب الحقيقية لذلك التعديل، وهل هو في مصلحة المواطن والعملية الانتخابية؟ ام في مصلحة جهات حزبية وسياسية؟ وفي النهاية، فإن المحكمة الاتحادية غير معنية بتلك الأمور، بقدر ما هي معنية بمدى مخالفة القوانين للدستور من عدمه، فمتى ما خالف القانون او احد نصوصه، للدستور، وعرض عليها الأمر من خلال دعوى أصولية، فتتدخل لغرض الحكم بعدم دستورية النص المخالف للدستور، أما الحيثيات السياسية التي ترافق عملية التشريع، فالمحكمة كما قلنا غير معنية بها. السياسي يحتاج الى ثقافة قانونية ودستورية، كي يفهم طبيعة عمل المحكمة الاتحادية، فهي ساحة لحماية الدستور من الخروقات، وليست ساحة لاستعراض الخلافات السياسية بين الأطراف السياسية المختلفة بالأفكار والتوجهات.

مواضيع ذات صلة