آخر الاخبار

shadow

تعليقا على قرار المحكمة الإتحادية العليا لأهمية المضمون ومساسه بمبدأ دستوري بين يدي المحكمة الإتحادية العليا وتعليق على قرار حكم .. (لا ضريبة ولا رسم إلاّ بقانون) الحلقة الاولى

د. محمد يوسف السعدي

أصدرت المحكمة الإتحادية العليا بتاريخ 3/6/2018 قرار الحكم في الدعوى المرقمة ( 57 اتحادية 2018 ) المقامة من قبل فخامة رئيس الجمهورية بحق السيد رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته، للطعن في عدد من نصوص قانون الموازنة العامة الإتحادية لجمهورية العراق لعام 2018 رقم ) 9( لسنة 2018 ، المنشور في الجريدة الرسمية بعددها المرقم ) 4485 ( بتاريخ 242018 ، بادعاء وجود خروقات ومخالفات دستورية شابت تلك النصوص.

القرار

لدى التدقيق والمداولة من قبل المحكمة الإتحادية العليا وجدت المحكمة أن وكيل المدعي اضافة لوظيفته يطعن بعدم دستورية المواد ) 11 ثالثاً ب، ج(، و ) 13 (، و) 17 خامساً( و ) 18 أولاً( و ) 33 ( و ) 36 ثانياً بعد طلب التصحيح( و ) 38 ثالثاً رابعاً( بعد طلب التصحيح، و) 42 أ، ب( و ) 49 ( و ) 57 ثانياً( و ) 4 ثانياً( و ) 9 أولاً( و ) 10 ثانياً ب، و(، من قانون الموازنة العامة الإتحادية لجمهورية العراق لعام 2018 )قانون رقم (9) لسنة 2018 ( لمخالفتها لدستور جمهورية العراق لعام 2005 ، وبعد التدقيق توصلت المحكمة إلى قرار الحكم القاضي برد دعوى المدعي اضافة لوظيفته عن المواد المطعون بدستوريتها وهي ) 11 ثالثاً ب، ج(، و ) 13 أولاً و ثانياً و ثالثاً(، من قانون الموازنة العامة الإتحادية لعام 2018 من جهة الاختصاص، كما قررت المحكمة الحكم برد الدعوى عن المواد الأخرى المطعون بعدم دستوريتها وهي المواد ) 11 ثالثاً ب(، و ) 18 أولاً(، و ) 33 (، و ) 36 ثانياً(، و ) 42 أ، ب(، و) 49 (، و ) 57 ثانياً(، و ) 4 ثانياً(، و) 9 أولاً(، و ) 10 ثانياً ب، و(، من القانون محل الطعن لموافقتها لأحكام الدستور، وقررت المحكمة كذلك رد الطعن الوارد بعدم دستورية نص المادة ) 17 خامساً( من القانون محل الطعن لسبق الحكم بعدم دستوريتها في دعوى سابقة، كما قررت رد الطعن الوارد على المادة ) 13 رابعاً من القانون المذكور موضوع الطعن لأن تشريعها جاء خياراً تشريعياً لا مخالفة فيه للدستور ..

 قدر تعلق الأمر بالمادة ) 18 أولاً( من قانون الموازنة العامة الاتحادية  لعام 2018 المطعون بعدم دستوريتها، والذي انتظم نصها على النحو الآتي )للوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات كافة صلاحية فرض رسوم أو أجور خدمات جديدة وتعديل الرسوم وأجور الخدمات الحالية باستثناء الرسوم السيادية المقرة بموجب القواننين الإتحادية النافذة وفق ضوابط يصدرها الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ(، فقد أقرّت المحكمة الإتحادية العليا المبدأ القانوني الآتي عدم مخالفة نص المادة ) 18 أولاً( من قانون الموازنة العامة الإتحادية لعام 2018 لنص المادة ) 28 ( من الدستور التي وردت بالنحو الآتي )لا تفرض الضرائب والرسوم، ولا تعدل، ولا تجبى، ولا يعفى منها، إلاّ بقانون(، واتفاق حكم المادة ) 18 أولاً( من قانون الموازنة مع حكم النص الدستوري المذكور.

أن المشرِّع يُعدًّ ملتزماً بحكم المادة ) 28 ( من الدستور حينما أتاح بموجب النص المطعون به للوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات صلاحية فرض الرسوم بموجب قانون الموازنة لعام 2018 ، وأن القانون المذكور تضمن تخويلاً تشريعياً للعناوين المذكورة فيه لفرض الرسوم أو أجور خدمات جديدة وتعديل الرسوم وأجور الخدمات الحالية باستثناء الرسوم السيادية.

ثانياً: بعض المسائل التي يثيرها القرار:

 لأسس القانونية والدستورية للرسم. 

مفهوم القاعدة الدستورية (لا ضريبة ولارسم إلاّ بقانون)

مدى تعارض نص المادة (18 / أولاً) من قانون الموازنة العامة الإتحادية لعام 2018 مع الدستور.

ثالثاً: التعليق:

الأسس الدستورية والقانونية للرسم.

ينبغي الإشارة ابتداءً إلى أن الرسم يعتبر من مصادر الإيرادات العامة الدورية في الدولة، وهو من الإيرادات المنتظمة التي تدخل في خزانة الدولة وتسهم في تمويل نفقاتها العامة، إلى جانب مساهمته في تنظيم الخدمات والحد من الإستغلال. غير أنه قد تضاءلت أهمية الرسم كإيراد في الوقت الحالي لعدة أسباب منها، استقرار حق الشعب ممثلاً في هيئاته البرلمانية في الموافقة على فرض الرسم شأنه في ذلك شأن الضرائب خلافاً لما كان عليه الحال في الماضي إذ لم يكن يتطلب إقراراً من السلطة التشريعية، ما أدى إلى تقليل اعتماد الدول على الرسوم حيث أدى ذلك إلى سلب الرسم ما كان له من ميزة في سهولة الالتجاء إليه بدلاً من الضريبة، حيث لا ضريبة ولا رسم إلاّ بقانون، كما أدى التطور إلى تغير مفهوم الدولة بحيث أصبحت تنظيماً علوياً يعمل باسم التضامن الاجتماعي لتحقيق المصلحة العامة للمجتمع، فالدولة وبالاستناد لمبدأ التضامن الاجتماعي أصبحت مسؤولة عن إشباع الحاجات العامة في مختلف المجالات دون اشتراط اقتران ذلك بفرض الرسم على خدماتها حيث يتم تمويل الخدمات من خلال الاعتمادات التي تخصص لكل مرفق من مرافق الدولة في موازنتها العامة.

كما أن من الأسباب المهمة التي أدت إلى تراجع أهمية الرسم كمصدر لإيرادات الدول، ما تجلى من فساد الأسلوب الذي كان يتبع والمتمثل بالسماح للموظفين القائمين على تقديم الخدمة العامة بتحصيل الرسوم لحسابهم مقابل تلك الخدمة كأجر لهم، حيث اتضح اهتمامهم بتحصيل أكبر قدر من الرسوم على حساب نوع الخدمة، الأمر الذي يتعارض مع فكرة المرفق العام، علاوة على أن الرسم وفقاً لطبيعته الفنية لا يسمح بتطبيق مبدأ العدالة من خلال مراعاة مبدأ القدرة على الدفع، ومن ثم فهو لا يسمح بمراعاة الظروف الخاصة بالأفراد.

ويمكن القول تبعاً لذلك، أن هذه الاعتبارات أدت إلى تناقص أهمية الرسوم في الدولة الحديثة واتجاه الكثير من الدول إلى إلغائها أو إلى تحويل بعضها إلى ضرائب.

إن الدساتير تُعنى عادة في الدول المختلفة بوضع الأساس الدستوري العام لفرض الرسوم أو الإعفاء منها أو تعديلها، ويكون هذا الأساس هو الضابط الذي يحكم أيّة قواعد قانونية يتم وضعها بموجب أيّ تشريعات أدنى من الدستور )القوانين والأنظمة والتعليمات(، ولا يجوز بأيّ وجه من الوجوه أن تتضمن هذه التشريعات قواعد قانونية تخالف القواعد الدستورية تسليماً لمبدأ سمو القواعد الدستورية وعلويتها على غيرها من القواعد التشريعية في الدولة، كما يحظر على أيّ جهة القيام بإجراءات من شأنها أن تنتهك القواعد الدستورية والقانونية سواء كان ذلك عند فرض الرسم أو عند الإعفاء منه.

وباستقراء العديد من الدساتير المقارنة يتبدى انطوائها على أسس دستورية متعلقة بالرسوم، أهما قاعدة (لا ضريبة ولا رسم إلاّ بقانون)، ونبين في أدناه أهم الأحكام الدستورية والقانونية الخاصة بالرسم:

إنشاء وفرض الرسم:

اعتمدت بعض الدول أسلوب إنشاء الرسوم أو فرضها بقانون يصدر عن السلطة

التشريعية، كما هو الحال في كل من الجزائر والأردن واليمن والعراق وسوريا وتركيا وإندونيسيا وماليزيا والمغرب وغانا وجنوب أفريقيا وكينيا وروسيا وأستراليا وألمانيا ورومانيا وبولندا وهولندا وسويسرا وكندا والأرجنتين وتشيلي وفنزويلا وهندوراس، على حن اتبعت دولاً أخرى أسلوب فرض الرسوم في حدود القانون أو وفقاً للقانون أو بموجب القانون، وذلك بأن ينصّ القانون على ضرورة فرض رسوم عند استيفاء منفعة ما، ويحيل في نفس الوقت للسلطة التنفيذية مهمة وضع اللوائح والأنظمة التي تحدد الرسوم أو تنظيم تعرفة الرسوم، كما هو متبع في البحرين ومصر والكويت وليبيا وعُمان والإمارات والبرتغال وبولندا واسبانيا والبارغواي.

وعلى الرغم من نص الدستور التركي على أن الرسوم تفرض، وتُعدَّل أو تُلغى بموجب قانون، إلاّ أنه أجاز منح مجلس الوزراء صلاحية تعديل نِسَب الإعفاءات من الضرائب والرسوم والمكوس والالتزامات المالية الأخرى والاستثناء منها وتخفيضها، ضمن حدود دنيا وقصوى ينص عليها القانون، ومنح الدستور البلجيكي الكيانات المدنية واتحادات البلديات أو المجتمعات الحق في فرض الرسوم بقرار من مجالسها، وأجاز الدستور الباكستاني للحكومة الإتحادية، والبرلمان، و الحكومات الإقليمية، والمجالس الإقليمية، والسلطات المحلية فرض الرسوم، كما أجاز الدستور الهندي قيام السلطة التشريعية للولاية ومن خلال قانون بتخويل البلدية لفرض أيّ ضرائب أو جبايات أو استقطاعات أو رسوم وجمعها وتخصيصها وفقًا للإجراءات والحدود المقررة، أما الدستور الاوكراني فقد أناط بالمجتمعات الإقليمية للتجمعات السكنية، والقرى والمدن، مباشرة أو من خلال هيئات الحكم الذاتي المحلي التي أنشأتها، فرض الضرائب والرسوم المحلية وفقا للقانون، وبموجب الدستور البرازيلي يمكن للاتحاد والولايات والمقاطعة الإتحادية والبلديات أن تفرض الرسوم مقابل توفير الأعمال الشُرَطية أو الاستخدام الفعلي أو المحتمل لخدمات عامة محددة مقدمة لدافعي الضرائب أو موفّرة لهم، وقد أجاز الدستور السوداني للولايات إصدار التشريعات لتحصيل الموارد من الرسوم على الخدمات بالولاية، والرسوم على السياحة، و الرسوم المفروضة على تجارة الحدود وفقاً للتشريعات القومية.

وفي النرويج تفرض الرسوم بموجب القوانين التي يقرّها البرلمان، ويحق للملك إصدار أو إلغاء المراسيم المتعلقة بالرسوم الجمركية، وجميع المسائل المتصلة بقطاع الاقتصاد شريطة ألا تتعارض هذه المراسيم مع أحكام الدستور أو مع القوانين التي يقررها البرلمان، وتظل هذه المراسيم سارية بشكل مؤقت حتى البرلمان التالي، وكقاعدة عامة، يأمر الملك بتحصيل الضرائب والرسوم التي يفرضها البرلمان.

وأجاز الدستور في كينيا للحكومة الوطنية وحدها فرض رسوم جمركية وغيرها من الرسوم على البضائع المستوردة والموردة، كما أجاز للقانون البرلماني أن يصرح للحكومة الوطنية بأن تفرض أيّ رسم آخر، كما أجاز للحكومات الوطنية والخاصة بالمقاطعات فرض رسوم على ما تقدمه من خدمات.

وفي إطار فرض الرسوم، وضعت بعض الدساتير مبادئ موضوعية لابد من مراعاتها عند فرض التكاليف العامة بما فيها الرسوم، ومن هذه المبادئ أن التكاليف العامة أساسها العدل وتنمية الاقتصاد الوطني، وأنها واجب والتزام على المواطنين، وأن فرضها لا يكون إلاّ عند الحاجة وعلى أساس الأنصاف، وأنه لابد من مراعاة مصلحة المجتمع وتحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة بن المواطنين عند فرضها، وعدم السماح بفرض الرسوم والجبايات أو أيّ عوائق أخرى أمام التدفق الحرّ للسلع والخدمات والموارد المالية، وأنه لا يمكن حساب الرسوم على نفس أساس حساب الضرائب، وعدم جواز إطالة فترة الاحتجاز للأشخاص بسبب عدم تمكن المتهم من دفع الرسوم القانونية أو لأيّ التزام مالي آخر، بالاستناد إلى المسؤولية المدنية أو أيّ سبب مشابه آخر بأيّ حال من الأحوال. كما تطلبت بعض الدساتير أن يكون فرض الرسوم وتقديرها مبنياً على دراسات مسبقة، وأن يكون هناك ثمة تناسب ما بين الرسم والمنفعة أو الخدمة موضوع الرسم، ونصّت بعض الدساتير بنحو صريح على أن يكون تحديد نسبة الرسم بموجب تشريع يضعه البرلمان.

الاعفاء من الرسم:

اعتمدت بعض الدول كمصر والأردن أسلوب الاعفاء من الرسوم من خلال الأحوال التي يبيّنها القانون، أي أن الإعفاء منها يجوز أن يكون في حدود القانون، وبالتالي فإن صدور تفويض بشأن هذه الرسوم ينحصر في تقرير الإعفاء منها، وإن غير ذلك من أحكامها، لا تحدده غير السلطة التشريعية بنفسها فلا تزول قبضتها عنها.

على حن اتبعت دول أخرى كالعراق واليمن وبولندا أسلوب الإعفاء بقانون، أي أن السلطة التشريعية في هذه الحالة تكون هي التي تقبض بيدها زمام الإعفاء من الرسوم، إذ تتولى بنفسها تحديد الإعفاءات والفئات المشمولة بها وشروط الإعفاء إلى غير ذلك من المسائل المتعلقة بالإعفاء من الرسوم. وأخيراً فإن بعض الدول اتبعت أسلوب الإعفاء بموجب نظام كما هو الحال المعتمد في السعودية.

واعتبرت دساتير بعض الدول الرسوم جزءاً من الواردات العامة للدولة لا بد من أن تؤدى إلى الخزينة العامة، وأن تدخل ضمن موازنة الدولة، وأن أموال الخزينة العامة لا يجوز أن يخصص أو ينفق أيّ جزء منها لأيّ غرض مهما كان نوعه إلاّ بقانون كما هو الحال فيالأردن.

وأخضعت دساتير بعض الدول الرسوم لرقابة أجهزة الدولة المتخصصة بالرقابة على أموال الدولة بهدف المحافظة عليها، والتأكد من حسن استعمالها، كما هو الحال في السعودية.

وبخصوص تحديد أوجه وإجراءات صرف الرسوم، اعتبرت العديد من الدساتير أن ذلك لا يكون إلاّ بموجب الأحكام الخاصة الواردة في القانون، كما هو الحال في اليمن وعُمان والكويت والبحرين.

مفهوم القاعدة الدستورية )لا ضريبة ولا رسم إلاّ بقانون(. تشكل قاعدة )لا تفرض الضرائب والرسوم، ولا تعدل، ولا تجبى، ولا يعفى منها، إلاّ بقانون(، أو ما يماثلها، كقاعدة )لا ضريبة ولا رسم إلاّ بقانون(، أو )فرض الضرائب العامة والرسوم وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلاّبقانون(، مرتكزاً ومحوراً أساسياً في علم المالية العامة والتشريع المالي، وعلى وجه الخصوص من جهة ماهية الآلية التشريعية التي تفرض الرسوم بمقتضاها.

وأثارت هذه القاعدة عدة تساؤلات لعل من أبرزها:

هل تعني هذه القاعدة أن الرسم يفرض ويحدد معدله أو نسبته بنص القانون؟، أم يفرض بنص القانون، ويترك تحديد معدله أو نسبته للتشريع الفرعي الأدنى درجة كالنظام أو التعليمات أو القرار، وهل تنطبق هذه القاعدة في جميع الأحوال، أم أنه يمكن في بعض الحالات المعينة أن يجري فرض الرسوم وتحديد معدلها أو نسبتها بقانون وفي حالات أخرى بنظام أو تعليمات حسب أهمية الرسم وطبيعته؟ إن مدلولات هذه القاعدة الدستورية وأبعادها وآثارها العملية تبدت بشكل جلي من خلال الجهات التفسيرية والقضائية في بعض الدول المقارنة.

دور الجهات التفسيرية والقضائية في توضيح مفهوم القاعدة . لدى طلب تفسير المادة ( 111 ) من الدستور الأردني لسنة 1952 المعدل في عام 2011 ، التي تنص على أن: )لا تفرض ضريبة او رسم الا بقانون ولا تدخل في بابهما انواع الأجور التي تتقاضاها الخزانة المالية مقابل ما تقوم به دوائر الحكومة من الخدمات للأفراد او مقابل انتفاعهم بأملاك الدولة وعلى الحكومة ان تأخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكليف التصاعدي مع تحقيق المساواة والعدالة الإجتماعية وان لا تتجاوز مقدرة المكلفة على الاداء وحاجة الدولة الى المال(، من المجلس العالي لتفسير الدستور، بنّ المجلس بقراره المرقم ) 3( لسنة 1995 في 5/ 6/ 1995 المنشور في الجريدة الرسمية الأردنية بعددها ( 4080 ) المؤرخ في 1/ 11 / 1995 ، « أن مواد الدستور تتطلب أحياناً إما صدور القانون، وأحياناً تكتفي بقولها: ضمن حدود القانون أو وفق أحكام القانون أو في الأحوال المبينة في القانون أو حسبما هو مبن في القانون، وأن هذا التنوع لم يأت عفواً بل جاء مقصوداً، ويترتب على ذلك أنه حينما تتطلب المادة الدستورية «القانون » في الموضوع، إنما يكون المراد بذلك أن تمتنع السلطة التنفيذية عن تنظيم ما يتعلق بهذا الموضوع بنظام، وحن يكتفي الدستور بالإحالة على القانون لبيان ما يتبع في مسألة معينة، فإنه يجيز ضمناً أن يفوض السلطة التنفيذية في إصدار الأنظمة المناسبة في الحدود والشروط التي يعينها، وحيث أن نص المادة ( 111 ) من الدستور واضح الدلالة على أن الضرائب والرسوم لا تفرض إلاّ بقانون، فإنه ينبني على ذلك أنه يمتنع على السلطة التنفيذية فرضها بنظام. إلاّ أنه إذا فرضت الضريبة أو الرسم بموجب قانون، وأنيط بالسلطة التنفيذية حق إصدار الأنظمة اللازمة تنفيذ أحكام القانون، فيجوز لها عندئذٍ إصدار الأنظمة اللازمة لذلك، ويكون النظام الذي يوضع لهذا الغرض تنفيذاً وتطبيقاً لأحكام القانون لا خروجاً على المادة ( 111) من الدستور التي تنص على أن الضريبة والرسم لا تفرض إلاّ بقانون، وبالتالي يكون هذا النظام غير مخالف لأحكام الدستور .»

وقد أكدّت محكمة العدل العليا في الأردن ما ورد في مضمون القرار التفسيري الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور سالف الذكر، حيث ذهبت في قراراها الصادر في القضية المرقمة ) 309 / 2995 ( الصادر بتاريخ 1995/12/13 )المنشور في مجلة نقابة المحامين الأردنية لسنة 1997 ، ص 4256 (، إلى أنه «لا يوجد في قانون تنظيم المدن والقرى والأبنية رقم ( 79 ) لسنة 1966 ، ولا في نظام الأبنية والتنظيم في مدينة عمان رقم(67) لسنة 1979 ، أو في سواهما ما يجيز لأمانة عمان التصرف بالقيود التنظيمية ولا ما يجيز لها استيفاء رسوم بدل استغلال خدمات الارتدادات ، سواء سمي بدل خدمة أو رسماً أو مسمىً آخر، وعليه فصدور القرارين المطعون فيها من قبل لجنة الاستملاك والأملاك بإلزام المستدعي بدفع رسوم بدل خدمات استغلال الارتدادات يجعلهما صادرين من جهة غير منوط بها إصدارهم قانوناً، ويعيبهما بعيب جسيم ينحدر بهما إلى حد الانعدام لمخالفتهما القانون من جهة، ولأنهما يخالفان أحكام الدستور التي تقضي بعدم فرض الضريبة والرسم إلاّ بقانون كما هو صريح نص المادة ( 111) منه، وتفسيرها في القرار الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور رقم ) 3( لسنة 1995 بتاريخ 7/ 6/ .»1995

وبينّ مجلس الدولة المصري بالفتوى رقم (375 ) في 23 / 5/ 1943 )منشورة في مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأي السنوات الثلاث الأولى « سبتمبر 1946 - سبتمبر « - 1949 ، ص 653 ( ، بأنه لا يجوز فرض رسم بدون قانون لذلك لا محل لتحصيل رسوم عن تحليل العينات التي تؤخذ من الأسمدة الواردة من الخارج لحساب بنك التسليف الزراعي أو لغيره من الهيئات، (وذهب في فتواه المرقمة  (300 في (1949/2/27 )منشورة في مجموعة مجلس الدولة لفتاوى قسم الرأي السنوات الثلاث الأولى « سبتمبر 1946 – سبتمبر ، « 1949 ص 652 (، إلى أنه يجب أن تقرر رسوم الذبح بالسلخانات بقانون ولا يمكن اعتبارها أجرة، و أن المشروع المرفق قد تضمن تقرير أو تعديل رسوم الذبح بالسلخانات، وهي ضرائب لا يجوز تقريرها إلاّ بقانون أو بتفويض من المشرع في قانون يبيح إصدارها أو تعديلها بمرسوم طبقا للمادة (134) من الدستور التي تنص على أنه لا يجوز إنشاء ضريبة ولا تعديلها أو الغاؤها إلاّ بقانون، ولا يجوز تكليف الأهالي بتأدية شيء من الأموال أو الرسوم إلاّ في حدود القانون.

وذهبت الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع في مجلس الدولة المصري في الفتوى رقم ) 2056 ( في 14 نوفمبر سنة 1963 )منشورة في مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع السنة الثامنة عشرة « من أكتوبر سنة 1963 إلى سبتمبر سنة »1964 ، ص 46 (، إلى أن قرار مجلس محافظة البحیرة، بفرض فريضة مالیة، على كل مشترك في تلیفون كائن بدائرة المحافظة، یكون غیر صحيح؛ لأن ما یفرضه، هو في حقیقته، ضريبة غیر عامة، یجب أن یفرض استناداً الى قانون تقریرها ابتداءً. ولما كان فرض مثل هذه الفريضة، في هذه الحالة، على غیر أساس، فانه من ثم، لا یلتزم من فرضت علیهم بأدائها، ولا یجوز تبعًا للهیئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية أن تقوم بتحصيلهما؛ لهذا انتهى رأي الجمعية العمومة إلى عدم مشروعیة قرار مجلس محافظة البحیرة الصادر في 28 من یولیو سنة 1963 ، فیما تضمنه من فرض رسم على كل اشتراك تلیفوني، ومن تحميل المشترك بها. كما انتهى رأي الجمعية العمومة للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع في الفتوى رقم ) 160 ( في 5/ 3/ 1977 – ملف رقم 37 / 2/ 205 جلسة 9 فبراير سنة 1977 )منشورة في مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع السنتان الثلاثون والحادية والثلاثون « من أول أكتوبر سنة 1975 إلى اخر سبتمبر سنة »1977 ، ص 254 (، الى عدم مشروعية رسم الاشتراك المنصوص علیه في المادة ) 20 ( من مشروع لائحة اتحادات طلاب المعاهد والاقسام الثانوية الأزهرية، التي تنص على أن «یقوم كل طالب من طلاب المعاهد الأزهرية الثانوية ودور المعلم والمعلمات بتسديد الاشتراك السنوي للاتحاد الذي یصدر بتحديد قیمته قرار من وزیر شؤون الأزهر وبناءً على اقتراح مجلس الاتحاد » ، وجاء في حيثيات الفتوى المذكورة ) ان المادة ) 119 ( من الدستور تنص على أن «انشاء الضرائب العامة وتعدیلها أو الغاؤها لا یكون الا بقانون، ولا یعفى أحد من أدائها الاّ في الاحوال المبینة  فى القانون، ولا یجوز تكليف أحد باداء غیر ذلك من الضرائب والرسوم الاّ في حدود القانون .» ومفاد ذلك ان الرسم لا یمكن فرضه الا بناءً على قانون يكتفى فیه بتقرير مبدأ الرسم وترك شروط دفعه وتحديد سعره الى سلطة أخرى.

والرسم بمعناه القانوني هو مبلغ من المال یجبیه أحد الأشخاص العامة كرهًا من الفرد نظیر خدمة معینة تؤدیها الدولة الیه، فهو بذلك یتكون من عنصرين أولهما ان الرسم یدفع مقابل خدمة معینة، والثاني انه لا یدفع اختیارًا كما تدفع الاثمان العادية وانما یدفع كرهاً بطريق الالزام وتستأدیه الدولة من الافراد بما لها علیهم من سلطة الجباية شأنه في ذلك شأن الضريبة ...

ومن حیث انه بتطبیق ما تقدم على رسم اشتراك اتحاد طلاب المعاهد والأقسام الثانوية الأزهرية فانه یبین من مطالعة نصوص مشروع هذه اللائحة ان المادة ) 21 ( تنص على أن «تتولى ادارة المعهد تحصیل اشتراك الاتحاد من جميع طلابه في بدایة العامة الدراسي بموجب إيصالات .

مواضيع ذات صلة