آخر الاخبار

shadow

التعليق على حكم المحكمة الاتحادية رقم القرار 43/ اتحادية/ اعلام /2017 في 20 /6 / 2017

القاضي عبد الستـار نـاهي

التعليق على حكم المحكمة الاتحادية

رقم القرار 43/ اتحادية/ اعلام 2017 في 20/6/2017

اولاً/ وقائع الدعوى.

    لادعاء وكيلا المدعي بأن قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 وقد جاء في الفقرة (ثاني عشر) من المادة (5) من القانون المذكور الاشارة الى اختصاص الادعاء العام في (التحقيق في جرائم الفساد المالي والاداري وكافة الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة المنصوص عليها في قانون العقوبات المرقم (111) لسنة 1969 المعدل) وبما ان التحقيق في جرائم الفساد الاداري والمالي تكون من اختصاص مكتب المفتش العام وحسب الامر (57) لسنة 2004 والصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة حيث حدد القسم (1) منه الغرض من هذا الامر الذي جاء فيه ما نصه (كما ينشئ من هذا الامر مكاتب مستقلة للمفتشين العموميين تمكنهم فيها القيام باجراءات التحقيق والتدقيق والتقييم والتفتيش واي نشاط اخر للمراجعة على الاداء وفقا للمعايير المعترف بها عموماً) وهذا يعد تقاطعاً واضحاً في الصلاحيات التي جاء بها قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 واستنادا للمادة (4/ ثانيا) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 والذي جاء نصه (الفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القوانين والقرارات والانظمة والتعليمات والاوامر الصادرة من اي جهة تمتلك حق اصدارها والغاء التي تتعارض منها مع احكام قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ويكون ذلك بناء على طلب من المحكمة او جهة رسمية او من مدعي ذي مصلحة) لذا طلب من المحكمة الاتحادية بعد اجراء اللازم الحكم بعدم دستورية ومشروعية الفقرة (ثاني عشر) من المادة (5) من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 والتي تتعارض مع الامر (57) لسنة 2004 والذي تبين فيه واجبات مكتب المفتش العام واختصاصاته وحسب ما بينا آنفاً وتحميله كافة المصاريف والاجور واتعاب المحاماة.

والملاحظ ان المدعي وزير الداخلية اضافة لوظيفته ورد بعنوان (المعترض) وليس بعنوان المدعي في عريضة الدعوى والمدعى عليه رئيس جهاز الادعاء العام اضافة لوظيفته ورد بعنوان (المعترض عليه) وليس المدعى عليه.

ثانياً/ منطوق الحكم القضائي الدستوري.

لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد ان وكيلا المدعي يطعنان في عريضة الدعوى بعدم دستورية الفقرة (ثاني عشر) من المادة (5) من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 والتي تضمنت اختصاصات الادعاء العام ونصها (التحقيق في جرائم الفساد المالي والاداري وكافة الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة المنصوص عليها في قانون العقوبات رقم (111 لسنة 1969) المعدل بحجة انها تتعارض مع الامر رقم (57) لسنة 2004 الصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة القسم (1) مدعياً بان التحقيق في جرائم الفساد الاداري والمالي من اختصاص مكتب المفتش العام ويرى المدعي ان مثل هذا يشكل تعارضا مع الامر المذكور ويطلب من المحكمة الاتحادية العليا الحكم بعدم دستورية الفقرة (ثاني عشر) من المادة (5) من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017. وتجد المحكمة الاتحادية العليا ان الفقرة (ثاني عشر) من المادة (5) من القانون آنفاً هي جزء من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 الذي شرع من (مجلس النواب) لذا فان الخصومة في الدعوى لا تتوجه الى رئيس الادعاء العام اضافة لوظيفته وانما تتوجه الى الجهة التي شرعت القانون وهو مجلس النواب استنادا الى المادة (4) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 التي تشترط ان يكون المدعى عليه خصماً يترتب على اقراره حكم بتقدير صدور اقرار منه وان يكون محكوماً او ملزماً بشيء على تقدير ثبوت الدعوى وهذا لم يتوفر في المدعى عليه رئيس الادعاء العام اضافة لوظيفته لذا تكون الدعوى محكومة بالرد من هذه الجهة واذا كانت الخصومة غير متوجهة في الدعوى فان المحكمة تحكم برد الدعوى من تلقاء نفسها عملاً بحكم المادة (80) من قانون المرافعات المدنية اما الادعاء بان النص المطعون فيه من القانون موضوع الدعوى بكونه يتعارض مع الامر (57) لسنة 2004 الصادر من سلطة الائتلاف المؤقتة ويعد ذلك مخالفا للدستور فهذا الادعاء مردود ايضاً لأن تعارض النص القانوني مع نص اخر لا يجعل منه مخالفاً للدستور سيما وان النص المطعون فيه هو نص لاحق زماناً وهو المعول عليه وان النصين بنفس القوة وصادر من مجلس النواب حسب صلاحيته التشريعية, وللاسباب المتقدمة تكون دعوى المدعي فاقدة لسندها الدستوري والقانوني وتكون موجبة للرد من الناحيتين الشكلية والموضوعية لذا قررت المحكمة الاتحادية العليا الحكم بردها مع تحميل المدعى عليه اضافة لوظيفته مصاريف الدعوى واتعاب محاماة لوكيل المدعى عليه الموظف الحقوقي (ع.ف) مبلغاً قدره مائة الف دينا وصدر القرار بالاتفاق باتاً وافهم في 20/6/2017 .   

ثالثا/ الاشكاليات محل التعليق.

ان الاشكاليات القانونية التي نراها محل تعليق على الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العليا يتمثل بالمسائل التالية :-

1- ما يتعلق ببيانات الدعوى

نصت المادة (6) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2005 على ان (اذا طلب مدع، الفصل في شرعية نص في قانون او قرار تشريعي او نظام او تعليمات او امر، فيقدم الطلب بدعوى مستوفية للشروط المنصوص عليها في المواد ( 44 – 45 – 46 – 47 ) من قانون المرافعات المدنية، ويلزم ان تقدم الدعوى بوساطة محام ذي صلاحية مطلقة.....). وبالرجوع الى نص المادة (46) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل نرى انها نصت على (يجب أن تشتمل عريضة الدعوى على البيانات الآتية: 1 – ..... .  2 – ......  . 3 – اسم كل من المدعي والمدعى عليه ولقبه ومهنته ومحل اقامته . فإن لم يكن للمدعى عليه محل اقامة معلوم فآخر محل كان به).

والملاحظ ان الدعوى محل التعليق قد اقيمت باسم (المعترض) وزير المالية اضافة لوظيفته, و(المعترض عليه) رئيس جهاز الادعاء العام اضافة لوظيفته وبالتالي فان قبول الدعوى بهذا الوصف لاطرافها يتعارض مع نص المادة (6) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا المشار لها اعلاه الذي لم يعرف ضمن مواده عبارة معترض او معترض عليه بل جاء فيه لفظ مدعي ومدعى عليه, كما ان قانون المرافعات هو الاخر جاء بلفظ المدعي والمدعى عليه عند ذكر بيانات الدعوى, وعدّ الاعتراض طريقة من طرق الطعن في الاحكام على وفق نص المادة (168/1) منه, وبموجبه يعترض من صدر بحقه حكماً غيابياً على اثر غيابه عن نظر الدعوى من الجلسة الاولى حتى صدور الحكم فيها رغم تبليغه وفقاً للقانون, ويشترط في دعوى الاعتراض على الحكم الغيابي ان تقدم بعريضة تتضمن اسباب الاعتراض وتقدم لذات المحكمة التي اصدرت الحكم الغيابي وبالتالي لا تنصب على الادعاء بل الاعتراض على حكم قضائي صادر بغياب الخصم المعترض وهذا مالم يتوافر في هذه الدعوى اذ انها تنصب على ادعاء بطلب الحكم بعدم دستورية ومشروعية المادة (5/ ثاني عشر) من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 لتعارضها مع الامر 57 لسنة 2004 على وفق المادة (4/ثانياً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة2005 والذي جاء نصه (الفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القوانين والقرارات والانظمة والتعليمات والاوامر الصادرة من اية جهة تملك حق اصدارها والغاء التي تتعارض منها مع احكام  قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، ويكون ذلك بناء على طلب من محكمة او جهة رسمية او من مدع ذي مصلحة).

2- ما يتعلق بالخصومة.

لم يرد في قانون المرافعات المدنية تعريفاً للخصومة لكن المادة (4) من القانون اشارت الى انه يشترط أن يكون المدعى عليه خصما يترتب على اقراره حكم بتقدير صدور اقرار منه وان يكون محكوما أو ملزما بشيء على تقدير ثبوت الدعوى. والحال هذا فان الخصومة في هذه الدعوى غير متوجهة لان الدعوى اقيمت على رئيس جهاز الادعاء العام اضافة لوظيفته, ورئيس الادعاء العام لا تصح خصومته في الدعوى لانه غير معني بالغاء النص المطعون فيه, والمقتضى ان يكون الخصم رئيس مجلس النواب العراقي هو الخصم الحقيقي في الدعوى لان الدعوى الدستورية دعوى عينية تنصب على عدم دستورية قانون او قرار. والحال هذا فالخصومة في الدعوى منعدمة والخصومة المنعدمة هي ما لا يصح فيها مخاصمة المدعى عليه اصلاً لانه لم يكن طرفاً حقيقياً في النزاع  والمقتضى والحال هذا بالمحكمة رد الدعوى من جهة الخصومة استناداً للمادة (80) من قانون المرافعات التي تنص على (اذا كانت الخصومة غير متوجهة تحكم المحكمة ولو من تلقاء ننفسها برد الدعوى دون الدخول في اساسها). وان المحكمة بقبولها للدعوى رغم عدم توجه الخصومة قد خالفت ما استقر عليه قضاءها في قرارات سابقة بهذا الاتجاه ومنها على سبيل المثال لا الحصر:- القرار 61/اتحادية/2013 في 5/5/2014 والقرار 37/اتحادية/2014 في 8/7/2014 والقرار 95/اتحادية/2014 في 2/12/2014 والقرار 103/اتحادية/2014 في 2/12/2014.

3- القبول والرد.

وفي ضوء ما ذكر في الفقرة (2) مارة الذكر يلاحظ ان المحكمة الاتحادية العليا قد قبلت الدعوى موضوعاً رغم انها فاقدة لعنصرها الشكلي ومن ثم عادت وردتها من حيث الشكل والموضوع مما فوّت على الخصم الاصلي الطعن بعدم دستورية نص المادة (5/ثاني عشر) من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2007 لان اقامة الدعوى من قبله بعدم تصحيح الخصومة سيواجه بالدفع بسبق الفصل في الموضوع مادامت الاسباب ذاتها التي استند اليها في الدعوى المردودة, اي لا يقبل منه اقامة الدعوى بعدم دستورية النص مالم تتوافر اسباب جديدة غير الاسباب التي اقيمت الدعوى على اساسها ذلك لان حجية الحكم الصادر في الدعوى الدستورية نسبي على خلاف الحكم الصادر عن القضاء العادي .

نلخص مما تقدم ان الحاجة والضرورة تدعو الى تشريع قانون اجرائي ينظم اجراءات الدعوى الدستورية يتناسب مع خصوصيتها عوضاً عن نظام داخلي ينظم تلك الاجراءات سيما وان الغلبة ستكون للقانون وليست للنظام الداخلي عند التعارض مما يعني تغليب قانون اجراءات الدعوى المدنية المتمثل بقانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 على اجراءات الدعوى الدستورية الواردة في النظام الداخلي رقم (1) لسنة 2005 طالما ان المادة (19) من النظام نصت على تطبيق احكام قانون المرافعات المدنية فيما لم يرد به نص خاص في قانون المحكمة الاتحادية العليا وفي هذا النظام.

القاضي

عبد الستار ناهي عبد عون

نائب رئيس محكمة استئناف القادسية الاتحادية

للاطـــلاع عــلى القـــــرار         اضغــــط هنـــــــــــــــــا 

مواضيع ذات صلة