آخر الاخبار

shadow

تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 91 / اتحادية / 2019 في 14/10/2019

القاضي ضيـاء كـاظـم الكنـاني

 

م/ تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم ۹۱/ اتحادية /۲۰۱۹ 

المقدمة 

   المحكمة الدستورية هي المحكمة التي ينشأها الدستور والتي من أهم اختصاصاتها النظر في دستورية القوانين النافذة مع اختصاصات أخرى منها حماية الدستور وتفسير نصوصه وتطويرها بما يواكب تطور الحياة ومستجداتها مع الموازنة بين مصالح الأفراد والمصلحة العامة والمحافظة على كيان الدولة وتكون القرارات الصادرة منها باته وملزمة، وقد سمی دستور جمهورية العراق لسنة 2005 هذه المحكمة بــ (المحكمة الاتحادية العليا ) وحدد اختصاصاتها في المادة 93 منه ، واهم هذه الاختصاصات هو ماجاء بالفقرة اولا من المادة المشار لها والتي نصت على ( الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة ) ومن القرارات المهمة التي اصدرتها المحكمة الاتحادية العليا هو القرار المرقم 91/ اتحادية/2019 في 14/10/2019 في الطعن المقدم  امامها للنظر بدستورية المادة 19 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكري رقم 22 لسنة 2016 والذي سنعلق عليه من خلال دراسته وتحليله ومناقشته على وفق نصوص الدستور والقوانين النافذة والسوابق القضائية للمحكمة الاتحادية العليا ذاتها وكالاتي :

اولا / اطراف الدعوى

 المدعي / ع.ع.ص وكيله المحامي ف.ص.ا

المدعى عليهما / 1- رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته

2- رئيس الجمهورية / إضافة لوظيفته

ثانيا/ وقائع الدعوى

إن وقائع الدعوى تتلخص بأن المتهم (ر.ق.خ) ضابط في الجيش العراقي القوة الجوية واتهم بجريمة قتل المجني عليه (أ.ع.غ) وصدر بحقه أمر قبض وفق المادة (406) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1999 من محكمة تحقيق البياع ، وان القضية الخاصة به مودعة لدى مكتب مكافحة اجرام حي العامل ، و تعذر تنفيذ امر القبض الصادر بحقه بشكل مباشر من قبل جهة التحقيق وهي مكتب مكافحة اجرام حي العامل ، وذلك لاصطدامه بنص المادة 19 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكري رقم 22 لسنة 2016 والتي منعت القاء القبض على العسكري وتوقيفه الا بعد استحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحة مما دفع والد المجني عليه (ع.ع.ص) إلى الطعن بدستورية هذه المادة أمام المحكمة الاتحادية العليا لان هذه المادة تحول دون تنفيذ امر القبض الصادر بحق المتهم بقتل ولده .

ثالثا / إجراءات الدعوى

قدم المدعي (ع.ع.ص) والد المجنى عليه (أ.ع.ع) طعن أمام المحكمة الاتحادية العليا يطعن فيه بدستورية المادة 19/ ثانيا وثالثا من قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكري رقم 22 لسنة 2019 بعد إن قرر السيد قاضي تحقيق البياع بتاريخ 13/5/2019مفاتحة مرجع المتهم ( ر.ق. خ) ضابط في الجيش العراقي / القوة الجوية لاستحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحة او من يخوله لتنفيذ أمر القبض الصادر بحقه ، وطلب المدعي الحكم بعدم دستورية هذه المادة لمخالفتها نصوص الدستور العراقي لسنة 2000 والمبادئ التي جاء بها ، وقد دعت المحكمة الاتحادية العليا المدعى عليهما للمرافعة واستمعت إلى دفوعهما ، وبعد إن اصبحت الدعوي مستكملة لأسباب الحكم، افهمت ختام المرافعة وتلت قرار الحكم والذي تضمن رد دعوى المدعي تجاه المدعی عليه الثاني رئيس الجمهورية / إضافة لوظيفته شكلا لعدم توجه الخصومة لكونه ليس الجهة التي شرعت القانون ، ورد دعوى المدعی موضوعاً تجاه المدعى عليه الأول رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته لعدم وجود تعارض بين نصوص الدستور العراقي لسنة2005 وبين نص المادة 19 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكري موضوع الطعن ، وقد اصدرت المحكمة قرارها بالاستنادا إلى نص المادة (94) من الدستور و (5/ ثانيا ) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2000 وافهم القرار علنا.

رابعا / ادعاءات ودفوع طرفي الدعوى :

ادعى المدعي في دعواه بان المادة (19) المشار لها تتعارض مع مبادئ العدالة التي توجب سرعة القبض على مرتكبي الجرائم وخاصة جرائم القتل مما سبب له ضرراً محضاً بتعطيل تنفيذ أمر القبض الصادر بحق المتهم بقتل ولده ، ومنحه فرصة الهرب او التاثير على سير التحقيق واخفاء الادلة ، كما بين في دعواه إن هذه المادة تتعارض مع نص المادة (19/ اولا ) من الدستور والتي نصت على إن ( القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون ) لانها اعطت الحق لغير القضاة في التدخل في شؤون العدالة وتعطيل اجرائتها او تاخير تنفيذ قرارات المحاكم وكذلك بين إن هذه المادة تتعارض مع نص المادة (14) من الدستور التي نصت على إن ( العراقيون متساوون أمام القانون ... الخ ) وان هذه المادة تخل بمبدأ المساواة أمام القانون وتخلق افضلية لطرف على طرف اخر في الدعوى الجزائية وتعطي حصانة للعسكري من قرارات القضاء كما بين إن المادة المطعون فيها تتعارض ايضا مع الفقرة ثالثا من المادة 19 من الدستور والتي نصت على إن (التقاضي حق مصون ومكفول للجميع ) وتتعارض ايضا مع الفقرة سادسا من ذات المادة والتي نصت على إن (لكل فرد الحق في إن يعامل معاملة عادلة في الاجراءات القضائية والادارية ) كما استند المدعي في طعنه على سوابق قضائية للمحكمة الاتحادية في الحكم بعدم دستورية نص المادة 113 اولا من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي ، ودفع المدعى عليه الأول | رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته دعوی المدعي بان المادة المطعون فيها هي خيار تشريعي لايتعارض مع أحكام الدستور وان المادة 19/ اولا جاءت لطبيعة المهام التي يرتبط بها الضباط في الجيش العراقي كما انها لاتتعارض مع نص المادة ( 14) من الدستور لان نص هذه المادة الدستورية يقتضي ( توافر المساواة في الحالة الواحدة ) وطلب رد الدعوى لهذه الاسباب ، أما المدعى عليه الثاني / رئيس الجمهورية / اضافة لوظيفته فقد دفع دعوى المدعي بان موكله ليس خصما في الدعوى وطلب رد الدعوى استنادا لإحكام المادة (4) و (80) من قانون المرافعات المدنية

خامسا / المشكلة القانونية للدعوى

 تبين من خلال وقائع الدعوى واجراءتها والادعاءات والدفوع المتبادلة لطرفي الدعوى إن الأشكال القانوني المعروض أمام المحكمة الاتحادية العليا هو تعذر تنفيذ أمر قبض بحق احد المتهمين بقتل شخص ، وان سبب هذا المشكل القانوني هو إن المتهم ضابط عسكري وان قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 22 لسنة 2019 نص في المادة 19 منه على عدم جواز تنفيذ أمر القبض بحق الضابط او توقيفه او تنفيذ أمر القبض الصادر بحق العسكري اوتكليفه بالحضور أمام المحاكم الا بعد استحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحة او وزير الدفاع او من يخوله وان المدعي أقام هذه الدعوى للحكم بعدم دستورية هذه المادة لكي يتسنى للقضاء السير في الدعوى والقبض على المتهم واكمال التحقيق واحالة المتهم الى المحكمة المختصة لإجراء محاكمته عن التهمة المسندة إليه.

سادسا / القرار الصادر في الدعوى  

بعد إن استكملت المحكمة الاتحادية العليا اجرائاتها فقد اصدرت قرارها بتاريخ 14/10/2019 برد دعوی المدعي عن المدعى عليه الأول / إضافة لوظيفته موضوعا لعدم وجود تعارض بين احكام المواد الدستورية المشار لها من قبل المدعي وبين الفقرتين ( ثانيا و ثالثا ) من المادة 19 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكرية رقم 22 لسنة 2016 ورد دعواه عن المدعى عليه الثاني رئيس الجمهورية / إضافة لوظيفته شكلا من جهة الخصومة لانه ليس الجهة التي شرعت القانون موضوع الطعن ، وقد استندت المحكمة الاتحادية في رد دعوى المدعي عن المدعى عليه الأول رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته إلى إن الفقرتين ( ثانيا وثالثا ) من المادة 19 المطعون بعدم دستوريتها جاءنا لطبيعة المهام التي يقوم بها العسكري في الجيش العراقي ولا تعارض بينها وبين المادة (14) من الدستور حيث إن المادة الدستورية المذكورة تقتضي توفر المساواة في الحالة الواحدة أي بين أفراد الشريحة الواحدة في المجتمع ، ولايقصد بها المساواة بين العسكري والمدني، كما استندت ايضا على نص المادة 19 من الدستور حيث بينت في قرارها انه للوصول إلى إجراء تحقيق ومحاكمة عادلة للعسكري فيما يتعلق بالجرائم التي يرتكبها اثناء قيامه بواجباته الرسمية وان القرار الذي تصدره الجهة العسكرية تتطلبه خصوصية ومهام منتسبي تلك الجهة .

سابعا / التعليق على القرار

     قبل التعليق على هذا القرار نبين إن ملخص الدعوى التي أقامها المدعي أمام المحكمة الاتحادية العليا هو طلب الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين ( ثانيا وثالثا) من المادة 19 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكرية رقم 22 لسنة 2016 للاسباب التي اشار لها في دعواه ، ونرى إن قرار المحكمة الاتحادية العليا برد الدعوى لم يراع المبادئ الأساسية التي جاء بها دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والذي نص في عجز دیباجته على ( احترام قواعد القانون وتحقيق العدل والمساواة ) وكذلك نص في المادة 14 على إن ( العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز ... الخ ) وكذلك المادة (19) الفقرة اولا ( القضاء مستقل ولاسلطان عليه لغير القانون ) والفقرة ثالثا ( التقاضي حق مصون مكفول للجميع ) والفقرة سادسا (لكل فرد الحق في أن يعامل معاملة عادلة في الإجراءات القضائية والادارية ) وان التسبيب الذي استندت إليه المحكمة الاتحادية في رد الدعوی موضوعا قد جعل من هذه النصوص الدستورية السامية حبرا على ورق، لأن نص المادة 19 المطعون بعدم دستوريتها بجميع فقراتها تمثل تدخلا في عمل القضاء وخرقا لمبدأ الفصل بين السلطات وذلك من خلال اعطاء سلطة القضاء لجهات غير قضائية خاضعة للسلطة التنفيذية متمثلة في وزير الدفاع في هذه الحالة، ومن ثم تعطيل سير العدالة واجراءات القضاء في التحقيق في الجرائم التي ترتكب ، كذلك خولها منح الحصانه لاي متهم عسكري من إجراءات القضاء ، وحتى على فرض اعطاء الموافقة على تنفيذ امر القبض او احالة العسكري إلى المحاكم المدنية من قبل وزير الدفاع او من يخوله فان إجراءات استحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحة او وزير الدفاع او من يخوله والمجالس التحقيقية التي يشكلوها تستغرق وقتا طويلا لابد إن يؤثر على مجريات سير الدعوى ويؤثر سلبا على سير العدالة ، لأن الاجراءات التحقيقه خاصة في الجرائم المهمة كالقتل تستوجب السرعة والسرية لضمان سلامة سير التحقيق ، وكذلك إن هذه المادة تتعارض مع النصوص التي جاء بها قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1979 ومنها نص المادة 52 التي نصت على (يقوم قاضي تحقيق بالتحقيق في جميع الجرائم بنفسه أو بواسطة المحققين ..... الخ ) وعليه ليس من حق أي جهة إن تحقق في هذه الجرائم التي تكون من اختصاص المحاكم المدنية عدا قضاة التحقيق كما إن المادة 94 منه نصت على أن ( يكون أمر القبض نافذ المفعول في جميع انحاء العراق وواجب التنفيذ ممن وجه إليه ويظل ساريا حتى يتم تنفيذه او الغاءه ممن اصدره او من سلطة اعلى منه مخولة قانونا ) وعليه ليس من حق القائد العام للقوات المسلحة او وزير الدفاع منع تنفيذ أوامر القبض الصادرة من القضاء او تعطيل تنفيذها لأنها تمثل خرقا لمبدأ استقلال القضاء وتدخل في عمله كما إن المحكمة الاتحادية استندت في قرارها برد الطعن على إن الفقرتين ثانيا وثالثا من المادة 19 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكري جاءت لطبيعة المهام التي يقوم بها العسكري في الجيش العراقي ونرى إن هذه المحكمة قد ناقضت قرار سابق لها وهو القرار رقم 15/ اتحادية /2017 في 24/10/2017 الذي قضى بعدم دستورية المادة 113/اولا من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي رقم 17 لسنة 2008 واستندت في هذا القرار على نص المادة 47 من الدستور التي نصت ( تتكون السلطات الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات) والفقرة اولا وسادسا من المادة 19 من الدستور التي سبق الاشارة لها علما إن الواجبات التي تقوم بها قوى الأمن الداخلي هي واجبات خاصة وان مهامها ذات طبيعة مشابه لمهام وواجبات القوات العسكرية وهذا ماهو واضح ميدانيا في جميع مناطق العراق واضافت في هذا القرار إن هذه المادة (أي المادة 113/اولا) المشار لها تحد من صلاحية القضاء في محاكمة المتهم في حالة ارتكابه جريمة متعلقة بطرف مدني اثناء تأديته لوظيفته وتتعارض مع الفقرة اولا وثالثا وسادسا من المادة 19 من الدستور كذلك استندت في قرارها على إن المشرع العراقي اتجه لنفس هذه الاسباب بالغاء الفقرة (ب) من المادة (136) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971التي كانت تحد من صلاحية القضاء في محاكمة المتهم في حالة ارتكابه جريمة أثناء تأديته لوظيفته ، ونرى إن اتجاه المحكمة الاتحادية بالحكم بعدم دستورية نص المادة 113/اولا المشار لها كان موفقا ومتفقا مع توجه المشرع العراقي في تعديل القوانين والقرارات التي تتعارض مع استقلالية القضاء اوالتي تمثل تدخلا في عمل السلطة التنفيذية حسب ماجاء بالاسباب الموجبة لنص قانون تعديل المادة 136/ الفقرة ب رقم 8 لسنة 2011 مایلي ( لحصر صلاحية تقرير براءة المتهم او ادانته بيد القضاء ولتاكيد استقلاله وضمان دور اكبر في ميدان محاربة الفساد وعملا بمبداء الفصل بين السلطات شرع هذا القانون ) كذلك إن قرار المحكمة الاتحادية الذي قضى برد الطعن بدستورية المادة 19 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكري المشار له (موضوع التعليق ) يتعارض ايضا مع قرار سابق للمحكمة الاتحادية برقم 32 في 7/6/2016 والذي قضى بعدم دستورية نص الفقرة اولا من المادة 176 من قانون الكمارك رقم 23 لسنة 1984 والتي نصت على (يمارس موظفو الكمارك لاغراض هذا القانون سلطة اعضاء الضبط القضائي وذلك في حدود اختصاصهم ولايجوز أحالتهم على المحاكم بسبب يتعلق بممارسة وظائفهم الا باذن من الوزير ) وقد سببت قرارها بان هذه المادة تقيد صلاحية القضاء في محاكمة المتهم في حالة ارتكابه جريمة أثناء تأديته لوظيفته وان ذلك يتعارض مع الفقرة اولا وسادسا من المادة 19 من الدستور وتتعارض مع المادة 47 من الدستور وان القضاء يوفر ضمانات للمتهم في محاكمة عادلة ، كذلك أن المبررات التي أشارت لها المحكمة الاتحادية في قرارها القاضي برد الطعن بعدم دستورية المادة 19 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكرية هوالاشارة إلى عدم تعارض المادة المذكورة مع نص المادة (14) من الدستور حيث ذكرت في قرارها إن المقصود بالمساواة هو المساواة في الحالة الواحدة أي بين افراد الشريحة الواحدة في المجتمع فلا يقصد به المساواة بين الرجل العسكري والمدني ، ولم تلاحظ المحكمة أن هذا التفسير سوف يخلق مركزين للمتهم في أي جريمة ترتكب ضد شخص فاذا كان الجاني رجل عسكري فهنا يكون مركز هذا الشخص محصن ضد إجراءات القضاء واذا كان غير عسكري حتى لو كان منتسبا لاحدى القوات الامنية فهنا يكون تحت طائلة القضاء المدني رغم تشابه الواجبات والمهام في الغالب ، ونرى إن المقصود بنص المادة الدستورية المشار لها هو المساواة بين العراقيين سواء كانوا مجنى عليهم او متهمين فالعراقين هم شريحة واحدة حيث إن نص هذه المادة واضح وجاء في مقدمتها مايلي ( العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز ...الخ ) وهذا نص صريح ولايجوز الاجتهاد فيه وتقسيم العراقيين من حيث انتمائهم الوظيفي او المناصب العامة ، ولا يجوز إن تعلو السلطات العسكرية على سلطة القضاء بل إن الدستورنص في المادة 9/اولا /۱ على خضوع القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية لقيادة السلطة المدنية ، كما بررت المحكمة الاتحادية هذا القرار بان المادة (91) من الدستور قصدت الوصول إلى إجراء تحقيق ومحاكمة عادلة للعسكري فيما يتعلق بالجرائم التي يرتكبها اثناء قيامه بواجباته الرسمية وتوفيرا للضمانات القانونية اللازمة لذلك ، ومن ملاحظة نص المادة (99) من الدستور لم نجد ترابط او أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بين نص هذه المادة وبين التبرير الذي ساقته المحكمة الاتحادية في قرارها وجل ماقصدته هذه المادة هو تنظيم القضاء العسكري وتحديد اختصاص المحاكم العسكرية دون إن تتحدث عن إجراءات التحقيق اوالمحاكمة او الحصانة الخاصة بافراد القوات العسكرية ، ونرى إن استناد المحكمة على هذا النص الدستوري في حيثيات القرار غير موفق ، أما التبرير الاخر الذي اعتمدته المحكمة الاتحادية في اصدار قرارها وهوا عطاء حق الطعن بقرار المرجع العسكري في حالة تعسفه بعدم الموافقة اوالاذن بتنفيذ أمر القبض او تاجيله أمام محكمة القضاء الاداري فهو غير مقنع فلا يمكن أن يكون القضاء الاداري اكثر ضمانا لحقوق اطراف الدعوى الجزائية من القضاء المدني العادي، لان هذا الأخير هو الأقدر وهو الأكثر ضمانا، كما أن القضاء الإداري في كل الأحوال يعمل في نطاق واجواء ادارية بعيدة عن وقائع وظروف القضايا التحقيقية القضائية والتي نرى إن القضاء العادي هو الأقدر على الاحاطة بها وتدخل في صميم اختصاصه، ومما تقدم نرى إن قرار المحكمة الاتحادية المرقم 91/ اتحادية/2019 في 14/10/2019 لم يكن موفقا ولم يكن منسجما مع نصوص الدستور العراقي لسنة 2005 والمبادئ التي جاء بها بل نرى انه يتعارض ويتقاطع مع الدستور وخصوصا في المواد 14و19و47 و 87 و 88 منه ويتعارض مع دساتير الدول المدنية المتقدمة وفيه تكريس لتدخل السلطات العسكرية والأمنية في شؤون القضاء ، لاسيما إن المحكمة الاتحادية قد ناقضت قرارات سابقة مماثلة سبق وان صدرت منها ، وحيث أن المحكمة الدستورية التي تعد بموجب الدستور اسمی محكمة وقرارتها باتة وملزمة فيفترض بها وبحكم الدستور إن تحافظ على دستورية القوانين والانظمة كما انها ملزمة بوجوب تطبيق نص المادة (13/ ثانيا ) من الدستور العراقي والتي نصت على لا يجوز سن قانون يتعارض مع الدستور ويعد باطلا كل نص يرد في دساتير الاقاليم اواي نص قانوني اخر يتعارض معه ) واخيرا نرى إن الحكم الذي جاء به قرار المحكمة الاتحادية 91/ اتحادية /2019 في 14/10/2019 لم يعط حلا موفقا للاشكال القانوني المشار له في هذه الدعوى ، وكان المفروض إن تصدر قرارها في هذا الموضوع من خلال تتبع كامل الفكرة السائدة في دستور جمهورية العراق وان تقايس النص المطعون بعدم دستوريته بالنصوص الدستورية التي نص عليها الدستور كاملة ، وان تقايس اتجاهات المشرع في الوقت الحاضر واتجهاتها السابقة في هذا الموضوع عند النظر في هذا الطعن الدستوري المقدم اليها ليكون قرارها منسجما مع نصوص الدستور ومبادئه العامة واتجاهاتها السابقة في هذا الصدد ومنسجما ايضا مع توجه المشرع في الغاء نص الفقرة ب من المادة 136 من قانون اصول المحكامات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 ولو أن المحكمة الاتحادية قد حكمت بعدم دستورية المادة المطعون فيها لكانت معالجة حقيقه اللاشكال القانوني الذي سبق الإشارة إليه واخبرا نرجو أن نكون قد وفقنا في هذا التعليق ... مع فائق الشكر والتقدير

القاضي

ضياء كاظم الكناني

قاضي اول دار القضاء في الشعب

للاطـــــلاع على القـــــــرار       اضغـــــــط هنـــــــــا  

مواضيع ذات صلة