آخر الاخبار

shadow

تعليق على قرار دستوري بالعدد 59/اتحادية/2014

القاضي عمار محمد كمال

 

لا تعارض بين وجوب موافقة الوزير على اتخاذ الاجراءات القانونية بحق رجل الشرطة وبين نص المادتين (14 ) و( 88 ) من الدستور.

اولاً-وقائع واجراءات القضية:-

   طلبت محكمة تحقيق بير مكرون من المحكمة الاتحادية العليا بموجب كتابها بالعدد 14 في 14/1/2014 اصدار القرار فيما اذا كان هناك مخالفة للدستور فيما يتعلق بموافقة المراجع لاتخاذ الاجراءات القانونية ضد المتهمين من منتسبي قوى الامن الداخلي او احالتهم على المحكمة المختصة المبينة بالمواد 111و112و113 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي رقم 17 لسنة 2008,وبين الطلب ان المخالفة للدستور تكون في المادة 14 التي تتكلم عن المساواة بين الطرفين امام القانون و88 المتعلقة بعدم التدخل في شؤون القضاء,وتتلخص القضية بقيام محكمة بداءة حاجياوا بتحريك دعوى جزائية ضد اثنين من ضباط الشرطة لقيامهما بسحب مفرزة الشرطة التي تتولى حماية المحكمة المذكورة انفاً,وان قاضي التحقيق قرر استقدامهما وفق المادة 242 من قانون العقوبات وتمت مفاتحة وزارة الداخلية في اقليم كردستان لغرض تبليغهما دون جدوى رغم مرور قرابة سنة واربعة اشهر.

ثانياً:- القرار

   اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها بالعدد 59 /اتحادية /2014 المؤرخ في 16/6/2014 تضمن ان المحكمة لاتجد تعارضاً بين المواد 111و112و113 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي وبين المادتين 14و88 من الدستور مراعاة لخصوصية مهام وواجبات منتسبي قوى الامن الداخلي واذا وجد تلكوء او عدم استجابة لمتطلبات التحقيق من مراجع منتسبي قوى الامن الداخلي فأن ذلك لايعود الى قصور في مواد القانون المطعون بعدم دستورية بعض مواده وانما بسبب تقصير المراجع اثناء ادائهم لواجباتهم ولم يغفل المشرع عن هذا الجانب بوضعه ضمانات لحسن تنفيذ قرارات المحاكم منها ما ورد بالفقرة 3 من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 669 في 22/8/1987 الذي نص على (للقاضي الذي يجري التحقيق في الواقعه وللمحكمة التي تنظر الدعوى المدنية او الجزائية فرض غرامة لاتقل عن خمسين دينار على كل موظف او مكلف بخدمة عامة تسبب في تأخير حسم الدعوى لعدم قيامه بأجراءات التبليغ او عدم استجابة لطلبات المحاكم او استيضاحاتها اضافة الى المواد المنصوص عليها في القوانين العقابية ) لما تقدم تقرر رد الطلب المقدم من محكمة بير مكرون وصدر القرار بالاتفاق .

ثالثاً:-الاشكاليات القانونية للقرار,

يثير القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا اشكاليات قانونية تتعلق بالمساواة امام القانون والحقوق والحريات التي كفلها الدستور والفصل بين السلطات واستقلال القضاء حيث ان المادة 111 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي رقم 17 لسنة 2008 منعت تبليغ رجل الشرطة او تكليفه بالحضور او القاء القبض عليه الابناءً على موافقة الوزير او من يخوله اذا كان الفعل قد ارتكب اثناء اداء واجبه والمادة 112/ثانياً منه اجازت القبض على رجل الشرطة من غير الضباط عند ارتكابه جناية او جنحة وقيدت فترة الاحتفاظ به لاكمال اجراءات التحقيق بما لايزيد على ثلاثين يوماً من تاريخ القبض عليه كما قيدت المادة 113/اولاً من القانون ذاته احالة رجل الشرطة على محاكم الجزاء المدنية بموافقة الوزير بقرار مسبب اذا ظهر ان الجريمة ناشئة عن قيامه بواجباته الرسمية او بسببها ....

رابعاً :-تحليل القرار:

1-لقد اتخذت المحكمة الاتحادية العليا اتجاهاً مغايراً لما ورد في القرار محل التعليق بخصوص المادة 113/اولاً من قانون اصول المحاكمات الجزائية  لقوى الامن الداخلي اذ اصدرت لاحقاً قرارها بالعدد 115/اتحادية/2014 في 24/10/2017 قضت فيه بعدم دستورية الفقرة اولاً من المادة 113 كونها تتعارض مع المواد 14و19/اولاً/ثالثاً/سادساً و47 من الدستور وسببت قرارها بأن الفقرة المذكورة تحد من صلاحية القضاء في محاكمة المتهم في حال ارتكابه جريمة اثناء تأديته لوظيفته وكان المجنى عليه من المدنيين .

2- ان المادة 14 من الدستور تنص على (العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز بسبب الجنس اوالعرق او القوميةاو الاصل او اللون اوالمذهب او المعتقد او الرأي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي) فيكون القرار محل التعليق قد ميز رجل الشرطة عن غيره من العراقيين بسبب الوظيفه وارادت المحكمة تبرير ذلك بأن معالجة التلكؤ في عمل رجل الشرطة ممكن بتطبيق الفقرة 3 من القرار رقم 669 في 22/8/1987 في حين ان هذا القرار لايعلو على الدستور ولاينفي المخالفة الدستورية التي شابت قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الأمن الداخلي رقم 17 لسنة 2008.  

3- ان المواد 15و17و19 /ثاني عشر و37/اولاً من الدستور قد نصت على عدة حقوق للأفراد منها الحق في الحياة والامن والحرية والخصوصيه الشخصية وحرمة المساكن وعدم جواز الحجز او الحبس او التوقيف في غير الاماكن المخصصة وصيانة حرية الانسان وكرامته الى غير ذلك من الحقوق الدستورية فأن الاعتداء عليها من رجل الشرطة اثناء تأديته واجبه يقتضي التصدي لها قانوناً وعدم منح الفرصة للأفلات من العدالة لوجود نص قانوني يمنح الحصانة للجاني بسبب وظيفته.

4- ان المادة 119/اولاً من الدستور نصت على ان (القضاء مستقل لاسلطان عليه لغير القانون) كما تنص المادة 47 منه على (تتكون السلطات الاتحادية, من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ,تمارس اختصاصاتها ومهماتها على اساس مبدأ الفصل بين السلطات )كما ان المادة (87) منه في الفصل الثالث (السلطة القضائية) اكدت على (السلطة القضائية مستقلة 0000) والمادة 88 كرست هذا الاستقلال بالنص على (القضاة مستقلون لاسلطان عليهم لغير القانون ولايجوز لأية سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة) وان قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي رقم 17 لسنة 2008 في المادتين 111و112منه يخل بمبداً الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وسير العدالة لما تقدم نجد انه كان على المحكمة الاتحادية العليا قبول طلب محكمة تحقيق بيرمكرون واصدار القرار بالغاء المواد 111و112و113 من قانون اصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي وعدم رفض الطلب بأعتبار وجود خصوصيه لرجل الشرطة تجعل له حصانه قانونية تقيد القضاء وتحرم المجنى عليه من استيفاء حقه اضافة الى ان الغاء المواد المذكورة يحقق العدالة والردع العام. 

        القاضي

        عمار محمد كمال

       مدعي عام منطقة استئناف بغداد الكرخ الاتحادية

             17/1/2021     

 

للاطلاع على نص القرار   اضغـــــــط هنــــــــــــا

 

مواضيع ذات صلة