تعليق على قرار المحكمة الاتحاديّة في العدد 219/ اتحاديّة/2024 ( التفسيري)
الدكتور عباس هادي العقابي/ جامعة بغداد
في ظلّ الخلافات الحاصلة في تعديل قانون الأحوال الشخصيّة الرّقم 188 لسنة 1959 بين مؤيّد ومعارض، وبين من يقول إنّ التعديل لا يملك السّند الدّستوري بالرغم من وجوده، إلّا أنّ رئيس البرلمان بالنيابة قطع نزاع القوم من خلال توجيه استفسار حول المادّة 41 من الدّستور العراقي لسنة 2005 إلى المحكمة الاتحاديّة العليا بموجب صلاحيتها الممنوحة في متن المادّة (93/ثالثًا) . إذ تنصّ المادّة 41 : "العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصيّة، بحسب ديانتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم واختياراتهم, وينظم ذلك بقانون".
بعد الاطّلاع على تفصيلات القرار التفسيري؛ نجد أنّ المحكمة الاتحاديّة الموقرة بدأت بالتطرق إلى مدى أهميّة الدّستور الذي ينظّم مختلف مفاصل الحياة في البلد، والذي يوصف بـــ"الوثيقة التاريخية والاجتماعية والأخلاقيّة لشعوب العالم"؛ ويمثل الدّستور الهرم القانوني لأي دولة وهو ملزم في أنحائه كافّة ... وهي إشارة من المحكمة إلى أنّ أي خلاف يحدث بوجود نصّ دستوري حاكم على الموضوع لا قيمه له من الناحية القانونيّة...
لقد أكّدت أنّ المادّة 41 هي ليست عبثيّة الوجود؛ بل توجد أيضًا مواد ساندة لها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بها، وبأصل الموضوع تتعلّق بالحقوق والحريّات واحترام المذاهب والقوميّات وعدم التعدّي على ثوابت أحكام الشّريعة الإسلاميّة.. كما أكّدت المحكمة الاتحاديّة العليا أنّ المادّة (13/أولاً)، من الدّستور، نصّت: "يُعدّ هذا الدّستور القانون الأسمى والأعلى في العراق، ويكون ملزمًا في أنحائه كافّة، ومن دون استثناء".
كما أكّد الدّستور في المادّة ذاتها ثانيًا : "لا يجوز سنّ قانون يتعارض مع هذ الدّستور، ويُعدّ باطلاً كلّ نصّ يرد في دساتير الأقاليم أو أي نصّ قانوني آخر يتعارض معه".
استمرت المحكمة باستعراض المواد الحامية للدين الإسلامي والمجتمع العراقي، من خلال عرض المادّة ( 2/ أولًا/ أ.ب.ج )، من الدّستور: " الإسلام دين الدّولة الرسمي"، أيضًا: "لا يجوز سنّ قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام"، وكذلك: "لا يجوز سنّ قانون يتعارض مع الحقوق والحريّات الأساسيّة الواردة في هذا الدّستور"... إلى آخره من المواد المرتبطة بحقوق وحريّات المواطن العراقي.
في النتيجة النهائيّة؛ أكّدت المحكمة الاتحاديّة بقرارها التفسيري بشرعية المادّة 41 من الدّستور؛ شريطة أن تنُظّم تلك الأمور بقانون وفقًا للسياقات القانونيّة المعمول بها في التشريع أو التعديل, وبهذا نصل إلى نتيجة أهميّة الاعتراض والتحفّظ على أي نصّ تشريعي محترم؛ ولكن لا يمكن فرضه من الناحية القانونيّة طالما يوجد نصّ دستوري يؤيّد تشريع القانون. أمّا إذا كان القانون مخالفًا للدّستور؛ فبإمكان أي شخص تتوفر فيه الشروط المذكورة في المادّة 20، من النظام الداخلي للمحكمة الاتحاديّة العليا الرّقم 1 لسنة 2022، اللّجوء إلى المحكمة الاتحاديّة العليا والطعن بكلّ القانون أو جزء منه ..